كان الأعشى جاهليًّا قديمًا، وأدرك الإسلام في آخر عمره، ورحل إلى النبي ﷺ في صلح الحديبية، فبلغ قريشًا خبرُه فرصدوه على طريقه، وقالوا: هذا صناجة العرب ما مدح أحدًا قط إلا رفع قدرَه. فلما ورد عليهم، قالوا: أين أردت يا أبا بصير؟ قال: أردت صاحبكم هذا لأُسْلِمَ، قالوا: إنه ينهاك عن خلال، ويحرمها عليك، وكلها لك موافق. قال: وما هن؟ قال أبو سفيان بن حرب: الزنا. قال: لقد تركني الزنا وما تركته، ثم ماذا؟ قال: القمار. قال: لعلي إن لقيتُه أن أصيب منه عوضًا من القمار، ثم ماذا؟ قال: الربا. قال: ما دنت ولا ادَّنت. قال: ثم ماذا؟ قالوا: الخمر. قال: أوه! أرجع إلى صبابة قد بقيت لي في المهراس فأشربها. فقال له أبو سفيان: هل لك في خير ممَّا هَمَمْتَ به؟ فقال: وما هو؟ قال: نحن وما هو الآن في هدنة، فتأخذ مائة من الإبل، وترجع إلى بلدك سنتك هذه، وتنظر ما يصير إليه أمرُنا، فإن ظهرنا عليه كنت قد أخذت خلفًا وإن ظهر علينا أتيتَه. فقال: ما أكره ذلك. فقال أبو سفيان: يا معشر قريش، هذا الأعشى واللهِ لئن أتى محمدًا واتبعه ليُضْرِمَنَّ عليكم نيران العرب بشِعْرِه، فاجمعوا له مائة من الإبل. ففعلوا، فأخذها وانطلق إلى بلده، فلما كان بقاع منفوحة رَمَى به بعيره فقتله، وكان قد قال قصيدة يمدح بها النبي ﷺ مطلعها:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا وبِتَّ كما بات السليم مسهدا
وروي أن النبي ﷺ قال في حقه: «كاد ينجو ولما.»
#قصة ٣٢٠
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا وبِتَّ كما بات السليم مسهدا
وروي أن النبي ﷺ قال في حقه: «كاد ينجو ولما.»
#قصة ٣٢٠